| ]


         السكر الأبيض

منذ زمن طويل يلقي العلماء اللوم ومسؤولية الأمراض كلها تقريباً على عاتق السكر ...هذه المادة البيضاء التي تحتل مرتبة مهمة في نظامنا الغذائي اليومي، من القهوة المحلاة للكبار إلى السكاكر للصغار مروراً بالحلويات والشوكولا والمشروبات الغازية وغيرها من الأطعمة التي تترك مذاقاً حلواً في افواهنا وأثراً ضاراً في صحتنا...

قد تظنون أن الأمر مبالغ فيه ولكن للأسف فالأمر هذا صحيح، إذ يتحول طعم السكر اللذيذ إلى حقيقة مرة تؤكد علاقته بأمراض عديدة، لا بل خطرة جداً. ويترسخ هذا الواقع كل يوم مع الاكتشافات العلمية التي تثبت صحته وتوجه أصابع الاتهام إلى السكر.
في أوائل السبعينات حذر الدكتور غودمان Goodman والدكتور كليف Cleave والدكتور يودكين Yudkin وغيرهم من الرواد في عالم التغذية من مخاطر تناول السكر المكرر والمأكولات التي تحتوي عليه. إلا أن هذه المعلومات لم تصل بالشكل الكافي إلى الأميركيين (سهواً أو عمداً)، وانتهى بهم الأمر إلى لوم الدهون والأطعمة الدهنية على كل أمراض العصر كأمراض القلب والسرطان وداء السكري ونسوا وتناسوا ما هو أخطر وأسوأ منه: السكر.

الأمراض الوعائية القلبية:
يعود اكتشاف علاقة السكر بأمراض القلب إلى فترة السبعينات. ففي دراسة أجراها الدكتور كليف عام 1975م حول مرض السكري قدم دليلاً مقنعاً مفاده أن الزيادات الحاصلة في أمراض القلب والسكري والأمراض المعروفة قد تعود إلى زيادة في تناول السكريات والكربوهيدارت المكررة.
وخَلص الدكتور يودكين إلى النتيجة نفسها وذكر في كتابه (حلو وخطر) (Sweet And Dangerous) العديد من الأمثلة حول مجتمعات عدة أظهرت أن السكر هو المسبب للأمراض القلبية وليس الدهون. وقال إن قبائل أفريقيا الشرقية ( كقبيلة Massai وقبيلة Sumburu) لا تعاني من أمراض قلبية مع إن نظامها الغذائي غني بالدهون وقائم أساساً على اللحوم والحليب وليس على السكر.
ومؤخراً أكدت البحوث العلمية صحة النظريات التي طرحها العالمان كليف ويودكين، وأثبتت علاقة السكر بأمراض القلب بسبب مادة الأنسولين. إشارة إلى إنه عندما يستهلك السكر، يكوّن الجسم الأنسولين، وهو لايساعد في تخزين السكر على شكل دهون وحسب، بل إنه ينظم أيضاً معدلات الترايغليسيريد العاليةTriglyceride في الدم، التي تشير إلى تفاقم أمراض القلب وإلى تدهور مراحلها.
ويُقرن ما بين ارتفاع معدلات الأنسولين وانخفاض معدلات الكوليسترول الجيد HDL وارتفاع ضغط الدم والسمنة المفرطة وهي من أهم عوامل الإصابة بأمراض القلب.
من جهة أخرى، أطلق الدكتور ريفين Reaven على مجموعة هذه العوارض اسم (العارض X) الذي يبدو كأنه يطال شريحة كبيرة من الأميركيين. والجدير بالذكر، أنه على الرغم من انخفاض معدل استهلاك الدهون لدى الأميركيين في الآونة الأخيرة، مازال استهلاك السكر والنشويات المكررة على حاله، وما زالت حوادث الإصابة بأمراض القلب تتزايد باستمرار.

السرطان والسكر:
على غرار الأمراض القلبية، سجلت زيادة خطرة في أمراض السرطان تزامنت مع ارتفاع معدل استهلاك السكر الأبيض. ومع أنه لم تثبت علمياً علاقة السكر بتحويل الخلايا السليمة إلى خلايا سرطانية، إلا أنه من المؤكد أن  هذه الأخيرة تتغذى مباشرة من السكر. وتكشف الإحصاءات أن معدل الاستهلاك الفردي للسكر في أميركا هو 152 باونداً للشخص الوحد سنوياً.
ويقول البرفيسور باتريك كويلين Patrick Quillin في كتابه (القضاء على السرطان عبر التغذية) (Beating Cancer With Nutrition)، (( إن تسرب هذه المادة المحلاة والمسرطنة التي تدخل إلى أجسامنا، عامل أساسي للإصابة بالأمراص السرطانية، فرفع معدل الغلوكوز دم في مريض السرطان هو بمثابة رش الوقود على نار مستعرة)). لذلك، فإن تناول الأطعمة التي تعزز توازن نسبة السكر في الدم (غير السكر الأبيض بالتأكيد) مفيد جداً لمرض السرطان وغيرهم من الناس أيضاً.

داء السكري
ينتشر داء السكري من النوع 2 في جميع أنحاء العالم وتعود زيادته لارتفاع استهلاك السكر.ففي أثناء الحرب العالمية الثانية، عندما انخفض استهلاك السكر في الولايات المتحدة الأميريكية، سُجل تراجع حاد في حالات الإصابة بهذا النوع من السكري. واليوم، يشكل هذا النوع من المرض تحديداً، 98% من حالات الإصابة بالسكري في أميركا، ويُعتقد بأنه على علاقة بالأنظمة الغذائية المتبعة والغنية جدا بالسكريات فهو يصيب الإنسان عندما تتراجع قدرة الخلايا في الجسم على التجاوب مع مادة الأنسولين المكوّن في البنكرياس ، وعلى امتصاص الطاقة من الطعام المستهلك. لذا، تتحول السعرات الحرارية الزائدة إلى دهون وتتراكم على الأنسجة الدموية مسببة مشاكل ومضاعفات صحية خطرة. ويُجمع معظم اختصاصي التغذية على أن الإستهلاك المفرط للسكريات والكربوهيدرات المكررة، هو السبب الرئيسي للإصابة بهذا المرض.

انخفاض معدل السكر في الدم Hypoglycemia:
بالرغم من أن مرض السكري يعود إلى ارتفاع السكر في الدم، إلا أن مرض انخفاض معدل السكر في الدم يعود إلى نقص غير سوي فيه. وفي هذه الحالة، يتفاعل البنكرياس مع الكربوهيدرات الزائدة المصنعة، في النظام الغذائي عبر فرز فائض من الأنسولين، ما يخفض معدل السكر في الدم وينجم عن ذلك الشعور بالإرهاق ، عدم القدرة على التركيز، القلق، تقلبات المزاج والنزق، وبما أن معظم الأميركيين يتناولون الكثير من السكريات، يعتقد العديد من اختصاصيي التغذية أنهم سيصابون عمّا قريب بهذا المرض.

فقدان المناعة:
المعروف عن السكر أنه مثبط للمناعة، وهذا أمر مخيف انطلاقاً من واقع أن قدرتنا على تحمّل ومكافحة كل الأمراض ( من الرشح البسيط إلى الإيدز) تتوقف على سلامة جهازنا المناعي وصحته، ومهما كان شكل السكر أو نوعه، فهو يشل عمل جهاز المناعة بعدة طرق:
1- ثبت أنه يعطل قدرة الكريات البيضاء في الدم على القضاء على الجراثيم لمدة خمس ساعات.
2- يحد من تكوين أجسام مضادة للبكترياAntibodies والبروتينات التي ترتبط بها، والتي تعطل عمل الأجسام الغريبة الوافدة إلى الجسم.
3- يؤثر في نقل الفيتامين C الذي يشكل واحداً من أهم المواد الغذائية المعززة لجهاز المناعة.
4- يسّبب اختلالات معدنية وأحياناً تفاعلات أرجية تعمل على إضعاف مناعة الإنسان.

مساهمات غير محمودة
مشاكل صحية أخرى: تطول لائحة الأمراض الناجمة عن الاستهلاك المفرط للسكر، ويعتقد العلماء أنه يسّبب أو على الأقل يسهم في إحداث العوارض، الاضطربات والاعتلالات الجسدية التالية:
الأمراض المرتبطة باستهلاك السكر:
1)      حب الشباب.
2)      الإدمان على الأدوية، الكافيين والطعام.
3)      إنهاك الغدة الكظرية.
4)      الإدمان على الكحول.
5)      الحساسية.
6)      القلق.
7)      التهاب الزائدة الدودية.
8)      التهاب المفاصل.
9)      الربو.
10)  مشاكل سلوكية.
11)  الأكل بشراهة.
12)  انتفاخ البطن.
13)  هشاشة العظام.
14)  السرطان (لا سيما سرطان الثدي والقولون).
15)  الفطريات.
16)  إعتام العين (المياه الزرقاء).
17)  التهاب غشاء القولون.
18)  الإمساك.
19)  الانهيار العصبي.
20)  داء السكري.
21)  عدم القدرة على التركيز.
22)  الأكزيما.
23)  المشاكل العاطفية.
24)  التعب.
25)  خلل في الغدة الصماء.
26)  الحصاة الصفراوية.
27)  داء المفاصل.
28)  أمراض القلب.
29)  ارتفاع معدل الكوليسترول.
30)  ارتفاع معدل الأستروجين.
31)  ارتفاع معدلات الترايغليسيريد.
32)  مشاكل هرمونية.
33)  نشاط مفرط.
34)  ارتفاع ضغط الدم.
35)  انخفاض معدل السكري في الدم.
36)  عسر الهضم.
37)  أرق.
38)  حصى في الكلى.
39)  خلل وظيفي في الكبد.
40)  انخفاض معدل الكوليسترول الجيد.
41)  مشاكل في الطمث.
42)  أمراض عقلية.
43)  اضطربات مزاجية.
44)  آلام عضلية.
45)  سمنة مفرطة.
46)  روماتيزم.
47)  قرحة.
48)  ضعف في المناعة.

اتخذوا قراركم:
بعد تبين هذه اللائحة، يبدو أن علينا مراجعة نظامنا الغذائي، لا سيما الكميات الزائدة من السكر الذي نتناوله يومياً والذي بات يشكل عنصراً مهماً بعد كل وجبة رئيسية، بل وحتى يستهلك كوجبة أساسية عند بعض الأشخاص خصوصاً عند بعض الأطفال الذين يفضلون السكاكر لطعمها الحلو على المأكولات الطبيعية الغنية بالفيتامينات والمعادن المفيدة لنموهم.
وفي هذه المرحلة نسأل أنفسنا، ((إذاً، ماذا نأكل بعد الآن؟!)) قبل أن نقع في اليأس ونصاب بالإحباط، لنتذكر أن الطبيعة قد أمنت لنا كل السكر الذي نحتاج إليه في الخضار والفاكهة فضلاً عما توفره لنا هذه الاخيرة من الياف وأغذية ضرورية لاستهلاك السكر، كما بقي الكثر من الخيارات (الحلوة) أمامنا. أما الطريقة الأفضل لتفادي تناول السكر فتكمن من المعرفة العلمية الصحيحة لطبيعة جسم الإنسان وتكوينه ومعرفة حاجاته الغذائية المفيدة والصحية. وبالتالي يمكننا اتخاذ القرار بالإمتناع عن السكر المكرر ومواجهة شهيتنا التي تحثنا على تناول أطعمة نحن فعلاً بغنى عنها، على أن لا ننسى أن التوازن هو أهم عنصر في النظام الغذائي لكل إنسان.